- المقالات
-
الأغذية الوظيفية ودورها في الحماية من الأمراض
الأغذية الوظيفية ودورها في الحماية من الأمراض
في السنوات الأخيرة، حظيت الأغذية الوظيفية أو ما يُعرف بــ Nutraceuticals أو بــ Functional foods باهتمام كبير في مراكز الدراسات والأبحاث الطبية وقد لاقت الأغذية الوظيفية انتشاراً واسعاً بين الناس لقيمتها الغذائية وفوائدها الصحية.
فقد أكدت كثير من الدراسات الطبية دور الأغذية الوظيفية Functional foods الفعّال في الحماية من الأمراض والوقاية من الإصابة بنقص المغذيات كالفيتامينات والمعادن، بالإضافة الى دورها الهام في تعزيز النمو والتطور الجسمي عند الأطفال.
تعد الولايات المتحدة من أكثر البدان استخداماً للأطعمة الوظيفية، فقد بلغت قيمة انتاجها من الأغذية الوظيفية حوالي 44 مليار دولار في عام 2012. وتبلغ نسبة الأشخاص الذين يستهلكون الأغذية الوظيفية في الولايات الأمريكية 60% في المئة في بعض الأحيان.
وقد انتشرت هذه الأنواع من الأغذية في آسيا منذ حوالي العشر سنوات وأخذت سوق الأغذية الوظيفة بالتوسع بشكل كبير، لكن هل كل ما يوجد في الأسواق يستحق منّا هذا التركيز وهل الفوائد المرجوة منها تتوافق مع فوائد الأغذية الوظيفية؟! هذا ما سنتعرف عليه الآن.
تعريف الأغذية الوظيفية:
الغذاء الوظيفي Functional foods هو الغذاء المعتاد أو النموذجي ولكن يضاف إليه مغذيات مثل الفيتامينات والمعادن أو مواد نشطة صيدلانياً لخدمة هدف طبي معين.
إن فكرة أن تكون الأطعمة توفر فوائد علاجية ليست مفهومًا جديدًا على العلوم الطبية. إذ تحدث عنه أبقراط، أبو الطب، وعليه صاغ مبدأه القائل "ليكن الطعام هو دوائك والدواء هو طعامك". ومع ذلك، فإن فلسفة "الغذاء كدواء" هذه سقطت في غموض نسبي في القرن التاسع عشر مع ظهور العلاج الدوائي الحديث. وفي القرن العشرين، ظهر الدور المهم للغذاء الوظيفي في الوقاية من الأمراض وتعزيز الصحة الى الواجهة مرة أخرى.
وتختلف الأغذية الوظيفة عما يسمى المكملات الغذائية اختلافاً جوهرياً، إذ أن المكملات الغذائية عبارة عن مادة غذائية أو مجموعة من المواد المغذية المركزة التي تهدف الى دعم نمط غذائي معين بحيث يؤدي ذلك الدعم الى تغيرات فيزيولوجية مرغوبة وتكون على عدة أشكال صيدلانية كالكبسولات والمضغوطات والمحاليل، وتحتوي المكملات الغذائية على تراكيز قليلة نسبياً من المواد الفعالة.
أما الأغذية الوظيفية Functional foods أو Nutraceuticals فهي مجموعة متكاملة من العناصر والمغذيات تؤمن فوائد صحية وطبية محددة، بما في ذلك الوقاية والعلاج من بعض الأمراض. بالإضافة إلى التأثيرات الغذائية الكافية، كما الأغذية الوظيفية تؤدي إلى تأثيرات مفيدة على وظيفة أو أكثر من الوظائف الحيوية المستهدفة للجسم البشري، كما يؤدي استخدمها عند المرضى إلى تحسين حالتهم الصحية بشكل كبير، كما أن للمغذيات الوظيفية دور هام في التقليل من عوامل خطر الإصابة ببعض الأمراض المزمنة كالسكري وأمراض اعتلال الشحوم.
كما توصف الأغذية الوظيفية على أنها غذاء متكامل صمم بتراكيز معينة ومدروسة لخدمة وظيفة معينة عند فئة من الأشخاص المعنين بالعلاج. فليست كل الأغذية الوظيفية متشابهة. إذ يمكن أن تكون المصدر الوحيد للتغذية للشخص الذي يتم توجيهه إليه، مما يعني أنها طعام غذائي كامل مع تركيبة من المغذيات تتكيف مع مرض أو اضطراب أو حالة مرضية معينة. وتكون بديلاً مؤقتاً عن الغذاء التقليدي الى حين تحسن الحالة المرضية التي يعاني منها المريض.
ويمكن أن تكون الأغذية الوظيفية طعام غير مكتمل من الناحية التغذوية، لكن مع تركيبة مغذيات قياسية ومقيدة التركيز، لتتكيف مع مرض أو اضطراب أو حالة طبية معينة، وهو غير مناسب لاستخدامه كمصدر وحيد للتغذية.
وهذا هو الفرق بين الأغذية الوظيفية والمكملات الغذائية التي تكون قليلة التراكيز لدعم نظام غذائي معين، بينما تكون الأغذية الوظيفية ذات فوائد صحية تتجاوز قيمتها الغذائية، ومصممة لهدف طبي وتتكيف مع حالة طبية ومرض معين.
تضاف الى الأغذية الوظيفية عناصر غذائية محددة، مثل الفيتامينات أو المعادن أو الألياف أو البروبيوتيك probiotics أو البريبايوتكس prebiotics. بشكل عام، وقد يتضمن الغذاء الوظيفي أي عنصر غذائي لغرض وظيفي محدد.
أمثلة على الأغذية الوظيفية Functional foods:
يعتبر دقيق الشوفان مثالًا مألوفًا وشائعاً للطعام الوظيفي لأنه يحتوي على ألياف قابلة للذوبان تساعد في خفض مستويات الكوليسترول ولذلك يكن أن يُضاف بشكل مضبوط الى مجموعة غذائية تلائم مريض ارتفاع الكوليسترول.
أيضاً من الأمثلة الشائعة هو أضافة بعض أنواع الفيتامينات والمعادن الى بعض المشروبات المخصصة للمرضى أثناء فترات النقاهة أو الاستشفاء. كأن تضاف املاح الكالسيوم مضبوطة الجرعة الى عصير البرتقال لمرضى الكسور العظمية أثناء فترة الاستشفاء.
إذا كنت ترغب في تجربة الأطعمة الوظيفية، فلا بد من استشارة مقدمي الرعاية الصحية. وذلك للوصول الى أفضل النتائج المرجوة من استخدام الغذاء الوظيفي.
تصنف الأغذية الوظيفية الى قسمين رئيسيين:
- الأغذية الوظيفية التقليدية Conventional functional foods: وهي مكونات طبيعية كاملة الغذاء محضرة بطريقة صيدلانية محددة وممزوجة بطريقة ملائمة مع مواد غنية بالعناصر الغذائية الهامة مثل الفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة.
ومن الأمثلة على الأغذية الوظيفية التقليدية مزج الخلاصات الناتجة عن عصر بعض المكسرات الغنية بالفيتامينات كالــ اللوز، الكاجو، الفستق، المكاديميا، المكسرات البرازيلية، مع بعض الفواكه الغنية بمضادات الأكسدة كالــ التوت والكيوي.
- الأغذية الوظيفية المعدلة Modified functional foods: وهي الأغذية التي يضاف إليها مكونات مضبوطة التركيز ومدروسة الأثر الحيوي على الجسم، كإضافة البروبيوتيك أو الألياف المنحلة لزيادة الفوائد الصحية لجملة هذه الأغذية.
ومن الأمثلة على الأغذية الوظيفية المعدلة الحبوب المدعمة، وبدائل الحليب المدعمة لمن يعانون من مشاكل في تناول الحليب الطبيعي، بالإضافة الى استخدام حليب اللوز والأرز عند بعض مرضى السكري وذلك لأن حليب اللوز لا يرفع من تركيز سكر الدم. كما يستخدم حليب جوز الهند والكاجو التي تستخدم للحصول على قيمة غذائية وعلاجية.
القيمة العلاجية للأغذية الوظيفية Nutraceuticals:
تحتوي الأغذية الوظيفية على العديد من المواد الفعالة المستخلصة من سلسلة نباتية (كمركب نباتي)، أو من أصل حيواني يحوي على مواد غذائية مركزة، حيث يتم معالجة هذه المواد وتحضر في شكل صيدلاني مناسب.
ووفقًا لتعريف المنظمة الأوربية للأغذية الوظيفية، فإن الأغذية الوظيفية يجب أن يكون لها تأثير دوائي مثبت وأساس علمي منطقي لاستخدامها في علاج حالة مرضية ما (بالإضافة إلى قيمتها الغذائية)، على عكس المكملات الغذائية والمواد المشتقة الغذائية الأخرى، بما في ذلك المشتقات العشبية.
قد يساعد اعتماد المغذيات الوظيفية في الوجبات الغذائية اليومية على منع ظهور الحالات المرضية أو المساعدة في تخفيف حدة بعض الحالات المرضية. كما يسهم الاعتماد على الأغذية الوظيفية في تخفيف الاعتماد على الأدوية في بعض الحالات, وخاصة عند المرضى الذين يفضلون سلوك نهج غير دوائي في حياتهم، وذلك طبعاً في حالات طبية معينة وليست في جميع الحالات المرضية.
يجب أن تستند الخطوة الأولى في استخدام الأغذية الوظيفية في العلاج الى تقييم الفعالية العلاجية بالنسبة الى البيانات السريرية التي تؤكد وجود حالة مرضية من المجدي معها استخدام الأغذية الوظيفية. ويجب أن تتضمن هذه الخطوة مساهمة مختلف مقدمي الرعاية الصحية، بدءًا من كيمياء الأغذية وسلامة الغذاء إلى الدراسات الصيدلانية والأبحاث الطبية، وذلك بهدف تقييم آلية العمل من وجهة النظر الطبية والصيدلانية البحتة مع دراسات الحركية الدوائية والديناميكية الدوائية لكل مكون يمكن أن يضاف على أنه غذاء وظيفي له أثر علاجي.
في الصورة التالية توضيح للفرق بين دواع استخدام الغذاء العلاجي والمكملات الغذائية:
Figure 1 Nutraceuticals الأغذية الوظيفية
الجرعات وهامش السلامة والأمان للأغذية الوظيفية Nutraceuticals:
من أهم الأمثلة الحالية على الأغذية العلاجية المضبوطة بالجرعة هو أرز الخميرة الحمراء Red yeast rice (RYR)
وهو غذاء يتم الحصول عليه من التخمير بالخميرة الحمراء من Monascus purpureus, وقد أثبت فعالية في خفض الكوليسترول بالدم.
المادة الفعالة في أرز الخميرة الحمراء هي monacolin K "مطابقة كيمائياً لدواء lovastatin الخافض للشحوم". وقد سُمح باستخدامه عند مرضى اعتلال شحوم الدم، ومن الجدير بالذكر أن الزيادات في أمراض القلب والأوعية الدموية ارتبطت بشكل كبير بالعادات الغذائية غير السليمة، مما أدى إلى زيادة معدلات والوفيات بسبب فرط كوليسترول الدم. مما أدى لاستخدام واسع لخافضات الشحوم الفموية مثل الستاتينات statins التي يؤدي استخدامها الطويل الى أثار جانية غير مرغوب بها، ولتخفيف الاعتماد على هذه الأدوية سُمح باستخدام أرز الخميرة الحمراء كغذاء وظيفي عند مرضى اعتلال الشحوم.
لكن الدراسات كشفت أن منتجات أرز الخميرة الحمراء عندما لها مستقبلات ثانوية مؤذية عندما تستقلب في الجسم، وقد تسبب أذية كبدية وكلوية، وذلك ما جعل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية الــ FDA تصدر تحذيرًا بشأن منتجات أرز الخميرة الحمراء RYR في عام 2007. ووفقًا لهذا التحذير، يجب اعتبار محتوى monacolin K بتراكيز أعلى من 5 ملغ في اليوم دواء يحتاج الى اشراف طبي، وذلك بسبب البيانات العلمية الموجودة التي تدعم التأثير الدوائي عند هذه الجرعة.
لذلك نؤكد أن الأغذية الوظيفية تحتاج الى اشراف دقيق من مشرفي الرعاية الصحية الذين يؤكد أو ينفون جدوى استخدام هذا الغذاء من عدمها.
فوائد استخدام الأغذية الوظيفية الــ Functional Foods:
- يمنع نقص العناصر الغذائية من الجسم: الأطعمة الوظيفية غنية بالعناصر الغذائية المهمة، بما في ذلك الفيتامينات والمعادن والدهون الصحية والألياف. وذلك يضمن حصول الجسم على كافة العناصر الغذائية الضرورية لعملياته الحيوية.
على سبيل المثال، بعد إدخال دقيق القمح المدعم بالحديد "غذاء وظيفي معدل" الى الأردن، انخفضت معدلات الإصابة بــ فقر الدم الناجم عن نقص الحديد بين الأطفال إلى النصف تقريبًا.
- الوقاية من الأمراض: توفر الأطعمة الوظيفية عناصر غذائية مهمة يمكن أن تساعد في الحماية من الأمراض. فبعضها غني بمضادات الأكسدة التي تساعد في تعديل الجذور الحرة، التي تسبب تلف الخلايا وبعض الحالات المزمنة، بما في ذلك أمراض القلب والسرطان والسكري.
كما تحتوي بعض الأطعمة الوظيفية أيضًا على نسبة عالية من أحماض أوميغا 3، التي تقلل من الالتهاب، وتعزز وظائف المخ وصحة القلب.
أنواع أخرى من الأطعمة الوظيفية غنية بالألياف، والتي يمكن أن تعزز السيطرة على نسبة السكر في الدم بشكل أفضل وتحمي من أمراض السكري والسمنة وأمراض القلب والسكتة الدماغية.
وقد تساعد الألياف أيضًا في منع اضطرابات الجهاز الهضمي، بما في ذلك قرحة المعدة، البواسير، والارتجاع الحمضي.
كما تم استخدام الأغذية الوظيفية المعدلة في الوقاية من الحالات الناتجة عن نقص بعض العناصر الغذائية في الجسم، بما في ذلك الكساح، وتضخم الغدة الدرقية،
- تعزز النمو السليم والتطور الصحيح للجسم: بعض العناصر الغذائية ضرورية للنمو السليم والتطور عند الرضع والأطفال.
على سبيل المثال، غالبًا ما يتم تدعيم الحبوب الغذائية والدقيق الذي تستخدمه السيدات الحوامل بفيتامينات B وحمض الفوليك، وهو ضروري لصحة الجنين ونموه السليم. لذلك شهدنا انخفاضاً ملحوظاً في الإصابة بعيوب الأنبوب العصبي، والتي يمكن أن تؤثر على الدماغ أو النخاع الشوكي أو العمود الفقري عند الجنين.
كما تلعب العناصر الغذائية الأخرى الموجودة بشكل شائع في الأطعمة الوظيفية أيضًا أدوارًا رئيسية في النمو عند الأطفال، بما في ذلك أحماض أوميغا 3 الدهنية والحديد والزنك والكالسيوم وفيتامين ب 12.
في النهاية لابد من التذكير بأن الأطعمة الوظيفية ترتبط بالعديد من الفوائد الصحية الهامة. فهي لا تمنع نقص العناصر الغذائية فحسب، بل تحمي أيضًا من الأمراض وتعزز النمو والتطور المناسبين.
المصادر:
https://bpspubs.onlinelibrary.wiley.com/doi/10.1111/bcp.13496
https://www.sciencedirect.com/topics/food-science/functional-food
أطباء يعالجون هذه الحالة
أكثر من 1000 طبيب موثق في البيت الطبي