تشحم الكبد Fatty Liver

تشحم الكبد Fatty Liver
Doctor

تشحم الكبد Fatty Liver

مع التغيرات الكبيرة التي صاحبت التطور  السريع منذ تسعينيات القرن الماضي وحتى اليوم بدأت الكثير من أنماط حياتنا بالتغير لمواكبة هذا التطور، وتُعد التغيرات التي طالت أنظمتنا الغذائية من أبرز التغيرات التي تركت آثار سلبية على الصحة العامة، إذ أن التحول الى نظام الوجبات السريعة والأطعمة الجاهزة ساهم وبشكل كبير في انشار أمراض كثيرة تكاد أن تكون نادرة قبل هذه التغيرات في نظامنا الغذائي. ويُعد تشحم الكبد ثم تشمعه لاحقاً من أهم وأخطر تلك الأمراض

وغالباً ما يبدأ بشكل صامت دون أعراض مميزة ولا يشعر به المريض إلا في مراحله الأخيرة، وقد يكتشف اصابته أثناء الكشف الطبي الاعتيادي ويكون ذلك من حسن الحظ لأن المرض يمكن تداركه في مراحله الأولى ويمكن الشفاء منه. ولكن اهماله قد يؤدي الى مضاعفات سيئة وخطيرة.

ما هو تشحّم الكبد أو التنكس الدهني الكبدي Fatty Liver Hepatic Steatosis OR:

يحدث التنكس الدهني الكبدي عندما يتم تخزين الدهون الزائدة في الخلايا الكبدية، هذه الزيادة الشحمية تؤثر على الوظائف الخلوية الكبدية مما يجعلها عاجزة عن القيام بوظائفها بشكل طبيعي. ويمكن تدارك المرض في مراحله الأولى قبل أن تتليف الخلايا الكبدية أو تتندب وتفقد وظيفتها الفيزيولوجية حيث لا يمكن إعادة هذه الخلايا الى حالتها الطبيعية.

و يُعد من الأمراض الشائعة ففي الولايات المتحدة مثلاً تتراوح نسبة الإصابة بتشحم الكبد حوالي 25%-35% من نسبة السكان، أي أن واحد من كل أربعة أشخاص مصاب بتشحم الكبد. بالإضافة الى أن الكثير من المصابين لا يعلمون بإصابتهم إلا في وقت متأخر نسبياً وذلك لغياب الأعراض في المراحل الأولى من المرض.

ويطلق عليه ايضا اسم  الكبد الشحمية له نوعان

  1. تشحم الكبد اللاكحولي Nonalcoholic Fatty Liver Disease:

عادة لا يسبب مرض الكبد الدهني غير الكحولي Nonalcoholic Fatty Liver Disease (NAFLD) أي أعراض. فمعظم المصابين لا يعلمون بإصابتهم إلا عندما تسوء حالة الخلايا الكبدية بسبب الالتهاب الناجم عن تخزين الدهون الإضافية مما يؤدي إلى تندب الخلايا (تليف الكبد). تُعرف هذه الحالة باسم التهاب الكبد الدهني غير الكحولي Nonalcoholic Steatohepatitis (NASH).

يُعد الأشخاص المصابون بمرض السكري من النمط الثاني أو الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة هم الأكثر عرضة للإصابة بمرض التهاب الكبد الدهني غير الكحولي.

 

تزيد بعض العوامل من خطر الإصابة بالكبد الدهني غير الكحولي. كالأشخاص الذين خضعوا لعمليات جراحية لعلاج السمنة ففي إحدى الدراسات وجد أن %90 في المائة من الأشخاص الذين خضعوا لجراحة علاج السمنة أصيبوا أو كانوا مصابين بتشحم الكبد اللاكحولي NAFLD.

 

ايضاً يزيد ارتفاع ضغط الدم غير المضبوط والاضطرابات الكلوية من خطر الإصابة بتشحم الكبد اللاكحولي. حتى الأطفال يمكنهم الإصابة بتشحم الكبد NAFLD. فهناك ما يقرب من 10 في المائة من الأطفال في الولايات المتحدة يعانون من تشحم الكبد اللاكحولي.

 

الأصل أو العرق مرتبط أيضاً بخطر الإصابة بمرض تشحم الكبد. إذ يعد NAFLD أكثر شيوعًا عند الأشخاص ذوي الأصول الإسبانية والقوقازية وهو أقل شيوعًا لدى الأشخاص ذوي الأصول الإفريقية، والأشخاص الأمريكيون من أصل آسيوي هم الأكثر عرضة للإصابة بمرض الكبد الدهني غير الكحولي مقارنةً بالأعراق الأخرى عندما يكون وزنهم طبيعيًا.

ويمر التشحم الكبدي اللاكحولي NAFLD بأربع مراحل:

  1. الكبد الدهني البسيط (التنكس الدهني): وهو عبارة عن تراكم الدهون بشكل غير ضار إلى حد كبير في خلايا الكبد ويمكن تشخيصه فقط أثناء الاختبارات العامة التي يتم إجراؤها بشكل دوري اعتيادي.
  2. التهاب الكبد الدهني غير الكحولي (NASH)، شكل أكثر خطورة من التشحم البسيط، حيث تصبح خلايا الكبد ملتهبة. وقد تتطور الى مرحلة التليف.
  • التليف الكبدي Fibrosis: حيث يسبب الالتهاب المستمر للأنسجة الكبدية حدوث ندبات حول الخلايا الكبدية وحول الأوعية الدموية القريبة، ولكن الكبد لا يزال قادرًا على العمل بشكل طبيعي في هذا المرحلة.
  1. التشمع الكبدي Cirrhosis: وهي المرحلة الأكثر شدة، وتحدث بعد سنوات من التهاب الخلايا الكبدية، حيث ينكمش الكبد ويصبح متندبًا ومتكتلًا؛ ويصبح هذا الضرر دائماً، ويمكن أن يؤدي إلى فشل وظائف الكبد (حيث يتوقف الكبد عن العمل بشكل صحيح) ويمكن أن يتطور الى سرطان الكبد.

قد يستغرق الأمر سنوات حتى يتطور التليف الكبدي الى التشمع الكبدي. لذلك من المهم إجراء تغييرات في نمط الحياة لمنع تفاقم الحالة المرضية وسنذكر أهم هذه التغيرات في علاج تشحم الكبد الصورة التالية توضح الفرق بين مظهر الكبد الطبيعي ومظهر تشمع الكبد.

  1. تشحم الكبد الكحولي Alcoholic Fatty Liver Disease:

يحدث مرض تشحم الكبد الكحولي عند من يشربون الكحول لفترات طويلة. بالإضافة الى الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة، وأولئك الذين لديهم طفرات جينية معينة هم أكثر عرضة للإصابة بها أيضًا. قد يكون تشحم الكبد الكحولي صامتًا ولا يسبب أي أعراض. وقد يعاني البعض الآخر من التعب أو عدم الراحة في منطقة الكبد.

الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة ويستمرون في شرب الكحول يزيدون من مخاطر إصابتهم بتشمع الكبد في المستقبل والتهاب الكبد الكحولي وفشل الكبد فصلاُ عن سرطان الكبد.

في الصورة التالية توضيح للفروق بين مراحل تشحم الكبد:

أعراض الإصابة بتشحم الكبد:

عادة ما تكون الإصابة بتشحم الكبد بلا أعراض، ولا يدرك الأشخاص المصابين بتشحم الكبد بإصابتهم إلا في مرحلة التليف الكبدي مما يؤدي الى ظهور بعض الأعراض مثل:

  • فقدان الشهية.
  • فقدان الوزن.
  • الشعور بامتلاء البطن.
  • آلام البطن من جهة أعلى يمين البطن (على الجانب الأيمن السفلي من الضلوع).
  • التعب والوهن.
  • أحياناً يعاني المريض من بعض الارتباك.
  • الغثيان.

وقد تتظاهر علامات الإصابة بتشحم الكبد بــ اصفرار الجلد والعينين (اليرقان) بالإضافة الى تورم الساقين والبطن (الوذمة) خاصة في مرحلة تشمع الكبد.

 الكشف عن الإصابة بتشحم الكبد:

غالبًا ما يتم تشخيص مرض الكبد الدهني غير الكحولي بعد أن يُظهر اختبار الدم المسمى اختبار وظائف الكبد نتيجة غير طبيعية مع استبعاد الحالات المرضية الأخرى. كما يمكن تشخيص الإصابة بتشحم الكبد عن طريق تصوير البطن بالأشعة فوق الصوتية Ultrasound Scan.

إذا تم تشخيص إصابتك بـ NAFLD، فقد تكون هناك حاجة إلى مزيد من الاختبارات لتحديد المرحلة المرضية، ويتضمن ذلك فحص دم خاص أو إجراء نوع آخر من الفحص بالموجات فوق الصوتية (فيبروسكان Fibroscan). وقد يحتاج بعض الأشخاص أيضًا إلى خزعة، حيث يتم أخذ عينة صغيرة من أنسجة الكبد باستخدام إبرة حتى يمكن تحليلها في المختبر.

يجب أن يخضع الأطفال والشباب الذين لديهم مخاطر متزايدة للإصابة بالكبد الدهني غير الكحولي (المصابون بداء السكري من النمط 2 أو المتلازمة الاستقلابية أو الأيضية Metabolic Syndrome) لفحص الكبد بالموجات فوق الصوتية كل 3 سنوات.

علاج تشحم الكبد:

نسبة كبيرة من الأشخاص الذين يعانون من مرض الكبد الدهني غير الكحولي لن تتطور لديهم المضاعفات الخطيرة، ولكن إذا تم تشخيص إصابتك بتشحم الكبد، فمن الجيد اتخاذ خطوات لمنع حالتك من التفاقم وحدوث المضاعفات الخطيرة.

حاليًا لا يوجد دواء محدد لمرض الكبد الدهني غير الكحولي، ولكن اتخاذ بعض التغيرات في نمط حياة يمكن أن يساعد في منع حدوث المضاعفات والحفاظ على سلامة الخلايا الكبدية.

وقد يوصي طبيبك بأدوية لعلاج بعض الأمراض المسببة لحدوث تشحم الكبد مثل ارتفاع ضغط الدم وعلاج ارتفاع الكوليسترول وعلاج مرض السكري من النمط 2 وعلاج السمنة.

إذا أصبت بتشمع كبدي حاد وتوقف الكبد عن العمل بشكل صحيح، فقد تحتاج إلى وضعك على قائمة الانتظار لزرع الكبد. ونظرًا لأن الكبد يمكن أن يجدد نفسه، يمكن للقسم المزروع أو الجزء المتبقي من الخلايا الكبدية السليمة إعادة النمو إلى الحجم الطبيعي للكبد.

الوقاية:

يمكن لبعض التغيرات في طبيعة نظام حياتك أن يساهم في إيقاف تدهور حالة كبدك المصاب بالتشحم والحافظ على وظائفه بالشكل الأمثل، لذلك ننصح بــ:

  • تخفيف الوزن الى الحد الطبيعي.
  • ممارسة التمارين الرياضية لمدة 30 دقيقة يومياً لخمسة أيام أسبوعياً على الأقل.
  • الابعاد عن تناول المشروبات الكحولية.
  • إذا كنت من الذين لديهم عوامل خطورة للإصابة بتشحم الكبد ننصحك بإجراء فحص دوري للاطمئنان على سلامة كبدك.
  • الابتعاد عن الإفراط في تناول المأكولات الغنية بالشحوم والدهون.

المراجع:

https://www.uclahealth.org/comet/fatty-liver-disease#:~:text=In%20the%20United%20States%2C%20the,prevalence%20is%202%2D5%25.

https://www.medscape.com/answers/175472-100859/what-is-the-prevalence-of-fatty-liver-disease-in-the-us

https://www.nhs.uk/conditions/non-alcoholic-fatty-liver-disease/